-A +A
خالد طاشكندي (جدة)
تابعت الأوساط السعودية منذ عام 2011 سلسلة محاكمات الخلايا الإرهابية، والتي سمح فيها القضاء السعودي بتواجد وسائل الإعلام لتكون بذلك المرة الأولى في تاريخه تتم فيه عقد جلسات محاكمة علنية لتلك الفئة، حيث تفاوت انعقادها ما بين مدينتي الرياض وجدة.
ووصف خبير أمني سعودي تلك الخطوة بـ«النقلة النوعية» في ملف القضاء السعودي، والتي من شأنها أن تزيد من تثقيف المجتمع بخطورة التوجه الإرهابي، إلى جانب تحصينه ضد أي محاولات تغرير قد يتعرض لها.

وقال اللواء المتقاعد يحيى الزايدي حينها: «من الضروري نشر ثقافة الوعي في المجتمع، وخاصة الشباب منهم، وإعلان محاكمات الخلايا الإرهابية وطرحها عبر وسائل الإعلام بشفافية وذلك من شأنه أن يوسع المدارك ويفتح أمام أفراد المجتمع آفاقا جديدة تمكنهم من التمييز بين الصواب والخطأ».
الكثير من المفاجآت تجلت أمام المواطن السعودي أثناء سير جلسات تلك المحاكمات، والتي أعلنت عنها السلطات الأمنية كمحصلة توصلت إليها خلال المحاكمة، في حين فجر المتهمون أنفسهم جملة من المعلومات كانت مثار جدل واسع بين الأوساط المحلية، والتي من بينها أول محاكمة لامرأة ثبت انضمامها لتنظيم القاعدة.
- في 8 من يناير من عام 2011، كشفت المملكة عن معلومات مهمة حول سير محاكمات من تتهمهم بالتورط في أنشطة تنظيم القاعدة، أو الإخلال بأمن الدولة، والتي من أبرزها صدور أحكام بإقامة الحد الشرعي بحق بعض من هؤلاء نتيجة حيازتهم أو تعاطيهم المخدرات، في وقت برأ القضاء السعودي ساحة 27 شخصا وسط حديث عن إمكانية قيام الادعاء العام باستئناف تلك الأحكام.
تلك المحاكمات جاءت بعد أن أحالت الجهات الأمنية في الرياض 991 شخصا تتهمهم بالارتباط بتنظيم القاعدة والتآمر على الأمن الوطني إلى القضاء الشرعي تمهيدا للنظر في قضاياهم وصدور الأحكام بحقهم.
وأكد آنذاك الدكتور عبد الله السعدان، المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة العدل السعودية، أن المحكمة الجزائية المتخصصة مستمرة في نظر قضايا المتهمين بجرائم الإرهاب والتآمر على الأمن الوطني، مبينا أنها أصدرت أحكاما أولية تم استئناف 325 قضية حتى مطلع يناير.
وقامت محكمة الاستئناف بنقض 43 حكما صدرت بحق المتورطين في أنشطة «القاعدة» بينما صادقت على 149 حكما، في حين سجلت ملاحظات على بقية الأحكام، حيث إنه من بين التهم التي حوكموا فيها تورطهم في تنظيم القاعدة وتهريب وحيازة المواد المحظورة شرعا ونظاما من بينها المخدرات أيضا.
أعمار الذين خضعوا للمحاكمة على خلفية تهم الإرهاب بحسب ما ذكرته وزارة العدل في ذلك الوقت كانت تنحصر بين 18 وحتى 70 عاما، إلا أن غالبيتهم تحت سن الـ30، عدا عن وجود أجانب من بين الذين تنظر المحكمة الجزائية المتخصصة قضاياهم، دون وجود نساء من بينهم.
أما فيما يخص العقوبات، فقد تراوحت – طبقا للبيان - ما «بين السجن لمدد مختلفة، وعقوبة الحد على من ثبت تعاطيه المسكرات والمخدرات، وتقييد حرية بعض المتهمين بعد استكمال عقوبة السجن بالمنع من السفر، أو الإقامة الجبرية، بالإضافة إلى الجزاءات المالية المنصوص عليها في الأنظمة المعمول بها».
وفي اليوم التالي، أعلنت الرياض عن قائمة جديدة للمطلوبين لها، تضم 47 من عناصر تنظيم القاعدة، تم وصفهم بأنهم من «الخطرين جدا»، في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم الداخلية السعودية أن الشرطة الدولية (الإنتربول) أصدرت بحق هؤلاء «نشرات حمراء»، وزودت الدول بالمستندات القانونية التي تجيز لها القبض عليهم، والذين يتوزعون في 4 دول تتضمن اليمن والعراق وأفغانستان وباكستان.
قائمة الـ47 التي كشفت السعودية عنها في ذلك الوقت هي خامس قائمة يتم إصدارها لمطلوبين أمنيا، منذ بدأ تنظيم القاعدة نشاطه في 12 مايو (أيار) 2003، وذلك بعد 4 قوائم ضمت 166 إرهابيا، بعضهم تمت تصفيته، والبعض الآخر قام بتسليم نفسه، بينما لا تزال هناك مجموعات طليقة.
اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، اعتبر في ذلك الوقت أن إعلان قائمة جديدة بأعداد أقل من القائمة التي سبقتها «لا يعني انحسار نشاط تنظيم القاعدة»، وقال: «هذا ليس دليل انحسار»، مشيرا إلى أن من بين المطلوبين الـ47 من يمارس أدوارا قيادية في صفوف تنظيم القاعدة.
وتراوحت أعمار المطلوبين على قائمة الـ47 الجديدة، ما بين 18 و40 عاما، حسب ما أفاد التركي، ويبلغ متوسط أعمار المدرجين على القائمة 26 سنة، منهم 34 بين 20 و30 عاما، و12 بين 30 و40 عاما، مؤكدا أن بلاده ماضية في متابعة المطلوبين والترصد لهم، وستعمل كل ما في وسعها لاستردادهم وتقديمهم لجهات الاختصاص.
- في 4 من مايو 2011 أعلنت الداخلية أن أحد من تصفهم بـ«المطلوبين الخطرين» المدرجين على قائمة تضم 47 شخصا قام بتسليم نفسه للسلطات الأمنية في السعودية، بعد أن وصل إليها من إحدى الدول التي كان يتمركز فيها في إطار مشاركته مع عناصر تنظيم القاعدة عشية الذكرى الثامنة لتفجيرات 12 مايو 2003 التي بدأ فيها تنظيم القاعدة نشاطه في السعودية، أعلنت الرياض أن 3 ممن انضموا للتنظيم بادروا بتسليم أنفسهم، مما يعني تعزز الانشقاقات داخل «القاعدة».
- في 16 من مايو 2011، بدأت في المملكة سلسلة محاكمات الخلايا الإرهابية ضمن جلسات علنية، حيث نظرت المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي المحكمة التي تنظر قضايا الإرهاب وأمن الدولة، وقائع محاكمة خلية إرهابية مكونة من 11 شخصا، تتهمهم بالتآمر مع منفذي الاعتداء الإرهابي الذي وقع في مدينة ينبع في الأول من مايو 2004، وخلف عشرات القتلى والمصابين. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ القضاء السعودي التي تمكن فيها وسائل الإعلام من تغطية وقائع هذه المحاكمات.
- آخر يوم من أيام شهر مايو 2011، أعلنت السعودية عن إطلاق سراح 22 شخصا، كانت السلطات تحتجزهم على خلفية قضايا تتصل بالإرهاب و«القاعدة»، في وقت شرعت فيه في تأهيل 100 آخرين، وذلك عبر إخضاعهم لبرامج مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية. وبإطلاق سراح هؤلاء الأشخاص يكون مجموع من استفاد من برامج المناصحة أكثر من 400 شخص.
- ومع بداية يوم الـ11 من يونيو 2011، أكدت وزارة العدل على لسان وزيرها قرب انتهاء كافة المحاكمات التي يخضع لها المتهمون بالانتماء إلى «القاعدة»، والمتورطون بجرائم الإرهاب التي بدأها التنظيم في 12 مايو 2003، حيث إنها كانت المرة الأولى التي يعطي فيها مسؤول سعودي رفيع إشارات عن الفترة الزمنية التي من الممكن أن يستغرقها القضاء في النظر في قضايا المتورطين بالأعمال الإرهابية، حيث دعا في تصريحاته التي أدلى بها في ذلك اليوم لأهمية المسارعة بالبت في هذه القضايا بعد استيفاء «الضمانات الشرعية».
- في 26 يونيو 2011، بدأت وقائع محاكمة خلية إرهابية، تتهمها الرياض بـ«التجسس» لصالح دعم تنظيم القاعدة بالمعلومات الأمنية التي تساعدهم في تنفيذ مخططاتهم، إضافة إلى مساهمة أحد عناصرها بالتستر على أحد قادة التنظيم ونقله من الدمام إلى الرياض، ومثل أمام المحكمة الجزائية المتخصصة التي تنظر في قضايا الإرهاب وأمن الدولة 10 ممن يعتقد بتورطهم في حادثة إطلاق النار على رجال الأمن التي جرت في فبراير (شباط) 2003، وهؤلاء لا يمثلون كامل المجموعة المتورطة في هذه القضية، حيث أعلن القاضي عن وجود متورطين آخرين سيتم استدعاؤهم في جلسة لاحقة.
- وفي 3 يوليو 2011 وجه الادعاء العام 115 تهمة لـ15 سعوديا يعتقد تورطهم في التفجيرات التي استهدفت 3 مجمعات سكنية في الرياض في 12 مايو 2003، والتي أدت إلى مقتل وإصابة 239 شخصا من بينهم نساء وأطفال، حيث يمثل هؤلاء المتهمون جزءا من خلية تضم 85 يعتقد تورطهم في تلك التفجيرات.
- وفي اليوم التالي، كشف الادعاء العام خلال جلسة محاكمة الدفعة الخامسة من المتورطين في التفجيرات الإرهابية نفسها، عن تورط كل من خالد الشيخ محمد ورمزي بن الشيبة اللذين يقفان خلف أحداث 11 سبتمبر، بمخطط كان تنظيم القاعدة ينوي تنفيذه ضد شركة «أرامكو».
ومثل حينها أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض 18 شخصا، تتهمهم السلطات السعودية بالتورط في تفجيرات 12 مايو الإرهابية، التي استهدفت مجمعات سكنية في العاصمة الرياض في عام 2003
- وقائع محاكمة ما يسمى «التنظيم السري» كشفت في الـ24 من نفس الشهر معلومات جديدة، تفيد بصلة زعيم وقائد التنظيم بجماعات مسلحة في كل من العراق وسوريا، وتمويل أعمال تلك الجماعات الإرهابية من خلال جمعه للتبرعات في الداخل.
- مطلع أكتوبر 2011، مثل 7 من أعضاء خلية إرهابية كانت تخطط لتنفيذ هجمات انتحارية ضد مطار إقليمي شمال السعودية أمام المحكمة، في وقت تكشف فيه المعلومات عن تنسيق جرى بين تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد الإسلامي لتنفيذ هذه العملية، واتهمت الرياض الخلية الإرهابية، وعناصرها جميعهم سعوديون، بالانضمام لتنظيم القاعدة، وإنشاء معسكر تدريبي في بارق بمنطقة عسير جنوب السعودية، لإعداد العناصر المقاتلة وتنفيذ هجمات إرهابية تتضمن اغتيالات في صفوف الغربيين.
- 27 أغسطس 2014 أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض عقوبات على 12 شخصا هم ستة سعوديين وخمسة يمنيين ومتهم فلسطيني بالسجن لمدد تتراوح بين 18 شهرا و20 عاما بعد إدانتهم «بالتخطيط لتفجير إحدى القنصليات الأجنبية بالمملكة وانتهاج المنهج التكفيري».